اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه

اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه

  الدكتور/ أحمد عبدالله صبره

موبايل : 01005325211

           تختلف الأفراد في سلوكياتهم من فرد لآخر، وهو شيء طبيعي وواضح، ولكن اختلاف سلوكيات الأطفال في المراحل الأولى من العمر، يجعلنا نقف حائرين في التفريق بين ما هو طبيعي(مرغوب) وما هو غير طبيعي(غير مرغوب).

          وعادة ما تظهر سلوكيات الأطفال نتاج تعامل الآخرين معهم :كالتدليل الزائد والحماية الزائدة والحنان وأيضا الإهمال

وغيرهم من هذه السلوكيات الخاطئة في التربية التي قد تؤدي إلي حالات مرضية. فقد يخرج الطفل عن حدود المعدل الطبيعي في حركته وسلوكياته فنرى الطفل العصبي والمخرب والفوضوي والعنيد وغيرها من سلوكيات وأفعال الأطفال فيكون  بعضها طبيعي ومؤقت والبعض الآخر منها مرضي ودائم . ولكن الأهل عادة تزعجهم تلك التصرفات من طفلهم فيقومون بعقابه، ولكن العقاب يزيد المشكلة تعقيداً. كون أن هؤلاء الأطفال لا يقصدون ولا يرغبون في خلق المشاكل لأنفسهم وعائلاتهم ، ولكنهم مرضى لا يتحكمون في ما يقومون به. فالجهاز العصبي لديهم لا يعمل بالطريقة الصحيحة ، مما يؤدي إلى استجابات غير مناسبة لذلك فهم بحاجة إلى علاج كي يستطيعوا السيطرة على سلوكياتهم الخاطئة . وهذا ما يعرف باضطراب فرط الحركة ونقص  الإنتباه أو ضعف أوقصور الإنتباه وفرط النشاط (ADHD).

        وهنانوجه سؤال هام للتعرف علي طبيعة هذا الاضطراب

س :ماهو اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه   (ADHD)؟

            اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) هو حالة مرضية سلوكية يتم تشخيصها لدى الأطفال والمراهقين الذين يعانون من فرط في الحركة زائدة عن الحد الطبيعي حيث نرى الطفل يتململ ويتلوى ولا يستطيع البقاء في مكانه أو مقعده و نراه يتسلق كل شيء ، و يتكلم كثيراً ويركض بطريقة عشوائية في الشارع والأسواق ، كما أنه لا يستطيع التأقلم واللعب مع الأطفال الآخرين . أما الصورة عند المراهقين والبالغين فتختلف ،ولا تظهر الأعراض الحركية بنفس الدرجة والوضوح ، ولكن نلاحظ تململهم الشديد ، ولا يجدون متعة في القراءة أو مشاهدة التلفاز، أو متابعة الأنشطة التي تحتاج تركيز .

 * أسباب حدوث فرط الحركة ونقص الإنتباه

ليس هناك  سبب واضح ومحدد لحدوث تلك الحالة ، وليس هناك عيوب واضحة في الجهاز العصبي ، ولكن بعض العلماء يرجع السبب في ذلك إلى أن تلك الحالة تحدث نتيجة لأسباب عضوية نمائية للجهاز العصبي ومنها:

١- أسباب عضوية نتيجة تعرض الدماغ لإصابات خلال الحمل أو عند الولادة مثل ( صعوبات الولادة – إصابة الأم بالمرض خلال الحمل – تناول الأدوية….)

٢- حدوث اضطراب في النشاط الكيميائي للدماغ لم تعرف مسبباته ، فاختلاف كيماويات المخ تؤدي الى اختلال في المزاج والسلوك .

٣- أسباب جينية أو وراثية حيث وجدت لدى الوالدين أو أحد أفراد العائلة المصاب ابنها بتلك الحالة بعض الأعراض المرضية والسلوكية.

٤- أسباب بيئية : كتلوث بيئي ، أو تسمم بالرصاص .

* تشخيص الإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه

          حيث تم تقسيم هذا الاضطراب إلى أنواع متعددة، ولكلّ نوع قواعدخاصة به للتشخيص، وهي:

(أ) – فرط الحركة والإندفاع : في هذه الحالة تكون أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه موجودة بنسبة متفاوتة، ولكن يغلب عليها علامات وأعراض فرط الحركةوالاندفاع .

(ب) – قلة الانتباه وضعف التركيز: في هذه الحالة تكون أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه موجودة بنسبة متفاوتة، ولكن يغلب عليها علامات وأعراض قلة الإنتباه.

(ج ) – اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه: في هذه الحالة تكون أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه موجودة لكلا الحالتين. ومعظم الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يعانون من هذا النوع.

أعراض نقص الانتباه

– ضعف الذاكرة وكثرة النسيان في النشاطات اليومية.

– تشتت الذهن بسهولة وعدم الإنتباه للتفاصيل والنسيان والإنتقال الدائم من نشاط إلى آخر.

– صعوبة التركيز في أمر واحد.

– سهولة تشتيت انتباهه بالمؤثرات الخارجية.

– الشعور بالملل من أداء نشاط واحد بعد بضع دقائق فقط، ما لم يكن هذا النشاط ممتعاً.

– صعوبة في تنظيم المهمة التي يقوم بها أو النشاط.

– الفشل في استكمال عمل ما أو تعلم شيء جديد.

– ارتكاب أخطاء تدل على عدم الاهتمام عند تنفيذ المهام، كالواجبات المدرسية، وفقدان الأغراض في كثير من الأحيان (مثل الأقلام الرصاص) اللازمة لإنجاز المهام أو الأنشطة.

– تجنب أو رفض المشاركة في النشاطات التي تحتاج إلى تركيز وجهد فكري.

– ظهور المريض كأنه لا يصغي عند الحديث معه.

– الاستغراق في أحلام اليقظة.

– عدم اتباع التعليمات والأوامر.

 أعراض فرط النشاط

– كثرة الكلام، وهي علامة مميزة.

– التململ والضجر في المقاعد، يحرك يديه أو قدميه.

– التحدث بصورة مستمرة.

الحركة المستمرة، وملامسة أي شيء أو اللعب بكل شيء تقع عليه أيدي المريض.

– صعوبة الجلوس في نفس المكان لفترة طويلة.

– صعوبة أداء المهام أو الأنشطة بسكون، كالجلوس بهدوء عند  تناول الطعام أو عند الاستعداد للنوم.

– الركض واللعب والتسلق حتى في الأوقات غير المناسبة أو الأماكن الخطرة.

– يضايق الأطفال الآخرين، ويقوم بتخريب لعبهم أو نشاطهم.

– يجد صعوبة في اللعب، أو مشاركة الآخرين في الأنشطة التي يقومون بها بهدوء.

– الفوضوية، والتصرف بسذاجة .

أعراض الاندفاع

– الإستعجال في الحديث والرد وعدم الانتظار.

– الإجابة على السؤال قبل اكتماله.

– مقاطعة الآخرين كثيرًا.

– الإدلاء بتعليقات غير ملائمة وإبداء المشاعر دون ضبط النفس والتصرف دون اعتبار للعواقب.

– صعوبة في انتظار دوره.

– شعور بالإحباط لأتفه الأسباب.

*ويتم التشخيص وفق القواعد التالية:

١ – يشخص النوع الذي يغلب عليه النشاط الحركي الزائد عندما: تشير ستة أعراض أو أكثر إلى النشاط الحركي الزائد والاندفاع، بينما تشير أقل من ستة أعراض إلى وجود نقص انتباه.

٢ – يشخص النوع الذي يغلب عليه نقص الإنتباه عندما: تشير ستة أعراض أو أكثر إلى وجود نقص انتباه، بينما تشير أقل من ستة أعراض إلى زيادة النشاط الحركي والاندفاع.

           ومن المرجح ألا يعاني الأطفال المصابون بهذا النوع من الاضطراب أو من عدم القدرة على أداء الأعمال الموكلة إليهم أو من صعوبة في مجاراة أقرانهم، فربما يجلسون في هدوء، ولكن دون أن يكونوا منتبهين لما يفعلون، ولذلك قد يهمل هذا الطفل، وقد لا يلاحظ أولياء الأمور والمدرسون أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه عليه.

٣- يشخص النوع الذي يجتمع فيه النشاط الحركي الزائد والاندفاع مع نقص الانتباه في آن واحد عندما: تظهر ستة أعراض أو أكثر من نقص الإنتباه وستة أعراض أو أكثر من النشاط الحركي الزائد والاندفاع.

        هذا ، وتشير الأكاديمية الأمريكية لطب نفس الأطفال والمراهقين (AACAP) إلى ضرورة الالتزام بالمعايير التالية قبل تشخيص حالة الطفل على أنها اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه:

يجب أن تظهر السلوكيات الدالة على هذا الاضطراب قبل سن السابعة.

– يجب أن تستمر هذه السلوكيات لمدة ستة أشهر على الأقل.

– يجب أن تعوق الأعراض أيضًا الطفل إعاقة حقيقية عن مواصلة حياته بصورة طبيعية، في مجالين على الأقل من المجالات التالية من حياته: في الصف الدراسي ، وفي ساحة اللعب، وفي المنزل، وفي المجتمع، وفي البيئات الاجتماعية.

* متى يتم التشخيص ؟

           اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه حالة نمائية أي أن الطفل يصاب بها في مرحلة الحمل وتشخيصها يكون في أي مرحلة عمرية معتمدة على شدة الأعراض ونوعيتها ، ولكن بعض تلك الأعراض تظهر بشكل متكرر لدى الأطفال الطبيعيين خلال مرحلة النمو ، لذا من الصعوبة  بمكان القدرة  على التشخيص الكامل ولكن عند دخول الطفل إلى المدرسة فهناك العديد من العوامل التي تساعد على ظهور الأعراض مثل اختلاف البيئة المدرسية عن بيئة المنزل ،الضغوط التي يواجهها الطفل في المدرسة ,وعادة ما يتم التشخيص من خلال الفحص الطبي لاستبعاد الحالات المرضية الأخرى ، كما يتم التقييم الطبي والنفسي من خلال معايير مقننة لكل مرحلة عمرية ، كما يتم متابعة الطفل وملاحظة التغيرات التي تحدث في السلوكيات وتسجيلها من خلال الوالدين والمدرسين أو من يقوم برعايته .

* العلاج

            ليس هناك علاج كافي  يزيل الحالة تماماً، وقد تتزامن مع اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه اضطرابات أخرى مثل القلق والاكتئاب، وصعوبات تعلم وغيرهم وسيكون عنوان مقال قادم مع حضراتكم إن شاء الله  وهذا يؤدي إلى تعقيد عمليتي التشخيص والعلاج بشكل كبير، ولكن هناك عدة طرق علاجية يمكن من خلالها التحكم في الأعراض المرضية وتشمل:  العلاج الدوائي ، و العلاج السلوكي ، و العلاج الغذائي.

         ويقتصر حديثي عن النوعين الآخرين حسب وجهة نظري

من حيث فاعليتهم في عملية العلاج من جهه والطريقة المفضلة لي في عملي من جهه أخري .

أولاً : العلاج السلوكي

        وهو استخدام طرق مبتكرة لتعزيز التصرفات الجيدة لدى الطفل في سن مبكرة ونبذ الخاطئة، كإيجاد أساليب لتحسين الأداء الدراسي، أو التدريب على التفاعل مع البيئة الاجتماعية وتعلم آدابها وقوانينها، ويمكن تحقيق أفضل النتائج من هذه العلاجات شرط ضمان التعاون المشترك والتام، بين المدرسين، والأهل، والمعالِجين .

          وبالتالي فبرامج تغيير السلوك من أهم وأكثر الطرق فاعلية في العلاج ومن أكثر الطرق نجاحاً في مركزنا(مركز الدكتور احمد عبدالله صبره للتخاطب والعلاج النفسي ) فعلينا  أن نغير ونعيد ترتيب الأحداث التي تسبق السلوك ،إلى المقدمات أو التعليمات ، والتي تعتمد على جوانب رئيسية وهي :

١- القواعد ويقصد بها اللوائح والقوانين التي تحكم سلوك الطفل من أداءه في المدرسة والبيت والأسلوب المتبع و هذه القواعد لها تأثير كبير على الكيفية التي يستجيب لها الطفل فإذا لم تكن تلك القواعد مفهومة وواضحة للطفل فانه قد لا يستجيب للموقف بطريقة ملائمة . فعلى سبيل المثال فإن الأب يرى طفله يقفز على الكنبة ، فيقول له أنت تعرف القواعد – ممنوع القفز على الكنبة ، فالأب هنا افترض أن الطفل يعرف القواعد ويحفظها بالرغم من أنه لم يتأكد من هذا الافتراض .

          وسوف نورد بعض المواقف اليومية التي يجب أن يوضع لها قواعد مكتوبة وتوضح معانيها للطفل الذي يعاني من فرط الحركة و ونقص الإنتباه وهي كالأتي :

– ما يجب عمله عند الاستيقاظ من النوم ( اذهب إلى الحمام لغسل وجهك – اخلع ثياب النوم….)

– الحديث ومخاطبة الآخرين ( انتظر حتى دورك في الحديث …)

– التعبير عن الغضب ( لا تعتدي  على الآخرين عند الغضب ..)

– الترحيب بالآخرين ( رحب بالآخرين بقولك السلام عليكم أو صباح الخير ..)

٢- التواصل وهو أن توصل المعلومة الصحيحة للطفل وهو من أهم عناصر تشكيل السلوك، فالعديد من الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة ونقص الإنتباه  لا ينتبهون بشكل كلي أثناء إلقاء التعليمات . لهذا يجب التأكد من أن الطفل وصلته الرسالة الموجهة إليه. وللتأكد من ذلك يجب مراعاة ما يأتي:

– يجب على ولي أمر الطالب والمعلم التأكد من أن الطفل ينظر إليه في أثناء تلقيه الإرشادات وأن يكون مواجهاً له ،وأن تلتقي عيناه بعين الطفل .

– أن يتكلم المتحدث بصوت طبيعي وواضح .

– أن تكون التعليمات مباشرة وتتركز حول ما نريد من الطفل أن يفعله.

– التأكد من أن الطفل قد فهم ما ألقي عليه من تعليمات وذلك بأن يطلب منه إعادة ما سمعه.

ثانياً : العلاج الغذائي

         ويتم العلاج من خلال  تغيير نمط الغذاء الذي يتناوله الطفل، بالامتناع عن تناول الأطعمة التي يعتقد بأنها تسبب فرط النشاط، مثل السكريات والكافيين، بالإضافة إلى الأطعمة المعروفة بأنها تثير الحساسية، مثل القمح والحليب والبيض، والامتناع عن تناول الملونات الغذائية الاصطناعية والمضافات الغذائية.

         وكذلك توجيه الطفل للطعام المفيد، كالخضار والفواكه واللحوم البيضاء والأسماك، إضافة إلى ضرورة إدخال عسل النحل في غذائه اليومي.

         ويذكر البعض أنه يمكن استخدام بعض الأعشاب، مثل شقائق النعمان والجينكو والجينسنغ، في علاج هذه المشكلة لأثرها في تخفيف الاضطرابات العصبية.

        وأخيراً وأختم بقولي إن اضطرابات قصور الانتباه والحركة المفرطة ليست كالأمراض التي يمكن التخلص منها باستخدام الأدوية أو العمليات الجراحية، كما أنها ليست كبعض الأمراض النفسية التي يمكن علاجها بجلسات التحليل النفسي ، فهي اضطرابات ملازمة للفرد طوال مراحل نموه المختلفة ، وإذا ما استمرت بدون علاج إزدادت خبرات الإحباط والفشل وأزداد معها ضعف وإنخفاض الثقة بالنفس الذي قد يقود صاحبه إلى الإصابة بالاكتئاب أو الشعور باليأس الذي قد يوصل صاحبه إلى التفكير بالانتحار .

  مع تمنياتي لكم بالتوفيق والإستفادة الجيدة

الدكتور / احمد عبدالله صبره

موبايل     ٠١٠٠٥٣٢٥٢١١

أرجوا مشاركة هذا المنشور فهو مهم لكل أسرة ، فلا تخلي أسرة إلا وفيها طفل يعاني من نقص في الإنتباه وفرط حركة .